أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
دعاء مصطفى - 3225 | ||||
احمد نجم1 - 3009 | ||||
ام حبيبه - 2949 | ||||
اشرف الشوربجى - 1874 | ||||
حمادة كاتو - 1654 | ||||
محمد رضا نجم - 1204 | ||||
احمد ميلانو - 980 | ||||
احسان عبد المنعم ابراهيم - 873 | ||||
Karim_Ghobish - 741 | ||||
مصطفى نجم - 724 |
المواضيع الأخيرة
أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر
لا يوجد مستخدم |
تعميق روابط الآخوة
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
تعميق روابط الآخوة
بقلم فضيله الشيخ\\\ سعيد عبد العظيم
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه،
أما بعد،
فالأخوة الدينية والرابطة الإيمانية مصلحة كلية، والاجتماع والإجماع أصل من أصول هذه الشريعة، يقول -تعالى-: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾ [النساء: 115].
ولذلك وجب على المسلمين أن يسعوا في تحقيق هذه الأخوة أتم تحقيق ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾ [الحجرات: 10].
وهذا السعي لتوحيد الصف وجمع الكلمة هو من أفضل الأعمال، بل كان هذا من أعظم الدروس التي خرج بها المسلمون يوم بدر.
قال -تعالى-: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأنْفَالِ قُلِ الأنْفَالُ لله وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا الله وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا الله وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [الأنفال: 1].
وقال -سبحانه-: ﴿لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ﴾ [النساء: 114]، وقال -تعالى-: ﴿وَالصُّلْحُ خَيْرٌ﴾ [النساء: 128].
وعن أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط قالت: سمعت رسولالله-صلى الله عليه وسلم- يقول: (لَيْسَ الكَذَّابُ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِفَيَنْمِي خَيْرًا أَوْ يَقُولُ خَيْرًا)[رواه البخاري ومسلم]
بل هذا الاجتمـاع من أعظم أسبـاب النصر قـال -تعالى-: ﴿هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ﴾ [الأنفال: 62].
فالواجب علينا الارتباط، إذ إنَّ تحقيقه من مقتضيات الإيمان، وكلما قوي إيمان العبد عرف مقدار نفع هذا الأمر، فإن اجتماع المسلمين وتآلف قلوبهم وحصول التحاب بينهم يوجب لكل منهم أن يرى مصلحته ومصلحة إخوانه واحدة والغاية واحدة.
ولذلك ورد التحذير من التفرق والاختلاف والتنازع لأنها من أعظم أسباب الفشل.
قال -تعالى-: ﴿وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ﴾ [الأنفال: 46] والأخذ بأسباب الوحدة الحقيقة يستوجب منا النظر بعين الاعتبار لعدة معان؛ لأن الشعارات والهتافات وارتفاع الأصوات بالوحدة والاتحاد لا تكفي لتحقيقها.
ومن أعظم هذه الأسباب: البصيرة، وهي تستلزم العلم والعمل والدعوة والصبر على ذلك، ولأن الإنسان عدو ما يجهل، وما عصياللهبمعصية أعظم من الجهل بالدين.
والعبد قد يكون معول هدم في جسم هذه الوحدة وهو لا يدري، وما يفسد أكثر مما يصلح إذا جهل ديناللهتعالى. ﴿الأخِلاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلا الْمُتَّقِينَ﴾[الزخرف: 67]. وأساس التقوى أن يتعلم العبد ما يتقى ثم يتقي، وإلا فإذا كان لا يُحسن التقوى لربما استل سيفه وضرب به رقاب المسلمين وظن أنه يُحسن الصنع؛ كحالة الخوارج. فلا أخوة بدون إيمان ولا صداقة بدون تقوى، قال -تعالى-: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾[الحجرات: 10].
وقد روى الشيخان من حديث أبي هريرة: (النَّاسَ مَعَادِنَ كَمَعَادِنِ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ، خِيَارُهُمْ فِي الجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الإسْلاَمِ إِذَا فَقِهُوا، وَالأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ، فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ)
والناس يخطئون ويصيبون، فهم بشر وليسوا ملائكة أولى أجنحة مثنى وثلاث ورباع، وبالتالي فلابد من احتمال الهفوات والزلات.
﴿وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ﴾[آل عمران: 134].
﴿وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ الله لَكُمْ﴾[النور: 22].
وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: «ما ضرب رسولالله-صلى الله عليه وسلم- شيئًا قط بيده ولا امرأة ولا خادمًا إلا أن يجاهد في سبيلالله، وما نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه إلا أن ينتهك شيء من محارمالله-تعالى-فينتقمللهتعالى)[رواه مسلم]
وعن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: «كأني أنظر إلى رسولالله-صلى الله عليه وسلم- يحكي نبيًا من الأنبياء صلواتاللهوسلامه عليهم ضربه قومه فأدموه وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول: (اللهم اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ) [رواه البخاري ومسلم]
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رجلا قال: (يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إليَّ، وأحلم عنهم ويجهلون عليَّ، فقال: لَئِنْ كُنْتَ كما قُلتَ فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمْ المَلَّ -أي: التراب الحار- وَلاَيَزَالُ مَعَكَ مِنَ الله ظَهِيرٌ عَلَيْهِمْ مَا دُمْتَ عَلَى ذلِكَ) [رواه مسلم]
وعن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (يا عائشة، إنّ الله رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ، ويُعْطِي على الرفق ما لا يُعْطِي على العُنْفِ وَمَا لاَ يُعْطِي عَلَى مَا سِوَاهُ) [رواه البخاري ومسلم]
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- : (أن أعرابيًا بال في المسجد فثار إليه الناس ليقعوا به فقال لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: دَعُوهُ وَأَهْرِيقُوا عَلَى بَوْلِهِ سَجْلا مِنْ مَاءٍ أَوْ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ، فَإِنَّمَا بُعِثْتُمْ مَيَسِّرِينَ وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ) [رواه البخاري ومسلم]
ومن حقوق هذه الأخوة: المواساة بالمال، وأن يكون كل منهم عونًا لصاحبه، يقضي حاجته ويقدمها على نفسه، ويتفقد أحواله ويعفو عن زلاته، ويعذره فيما عذره رب العزة جل وعلا كالخطأ والنسيان وما استكره عليه، وعليه أن يعطيه من لسانه ما يحبه منه فيدعوه بأحب أسمائه إليه، ويذكره بالخير في الغيبة والحضور، ويفي له في الأخوة فيثبت عليها ويحفظُ عهدها، ويدعو له ولأولاده.
وفي الحديث: (مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يَدْعُو لِأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ إِلا قَالَ الْمَلَكُ: وَلَكَ بِمِثْلٍ)[رواه مسلم]
ومن أظهر الوسائل في تعميق روح الأخوة أنه إذا أحب أخاه أخبره بذلك، وإذا فارقه طلب منه الدعاء، وإذا لقيه ابتسم في وجهه وبادر إلى مصافحته، يحرص على الإكثار من زيارة إخوانه، وإدخال السرور عليهم، وتهنئتهم -ويتأكد ذلك في المناسبات- بل وتقديم الهدايا؛ فإنها تورث المودة وتذهب الضغائن.
وينبغي أن يعلم أن الحق في مقابله واجب لابد من تأديته، وفي الحديث: (حَقُّ المُسْلِمِ على المُسْلِمِ سِتٌّ، قيل: ما هن يا رسول الله؟ قال: إذا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، وإذا دَعاكَ فأَجِبْهُ، وإذا اسْتَنْصَحَكَ فانْصَحْ لَهُ، وإذا عَطَسَ فَحَمِدَ الله فَشَمِّتْهُ، وإذا مَرِضَ فَعُدْهُ، وإذا ماتَ فاتَّبِعْهُ) [رواه مسلم]
وكان بعض الصالحين يقول: أين مثل الأخ الصالح؟ إنَّ أهل الرجل إذا مات يقسمون ميراثه ويتمتعون بما خلف، والأخ الصالح ينفرد بالحزن مهتمًا بما قدم عليه وما صار إليه، يدعو له في ظلمة الليل ويستغفر له وهو تحت أطباق الثرى.
قال ابن شبرمة: «إذا سألت أخاك حاجة فلم يجهد نفسه في قضائها فتوضأ للصلاة وكبر عليه أربع تكبيرات وعده في الموتى»، وكان على مسروق دين ثقيل وكان على أخيه خيثمة دين أيضًا فذهب مسروق وقضى دين خيثمة وهو لا يعلم وذهب خيثمة فقضى دين مسروق وهو لا يعلم، وسأل عليّ بن الحسين رجلا: هل يُدخل أحدكم يده في كم أخيه -أي: جيبه- أو كيسه فيأخذ منه ما يريد بغير إذنه؟ قال: لا، قال: فلستم بإخوان، وهكذا يكون الحال عندما تتوثق أواصر الأخوة والمحبة.
ومن أعظم أسباب الوحدة أيضًا: وحدة المنهج، ولا منهج أصح ولا أكمل مما كان عليه سلف الأمة، وكل خير في اتباع من سلف، وكل شر في ابتداع من خلف، وما لم يكن يومئذ دينًا فليس اليوم بدين، ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح بها أولها.
فإذا أردنا العز والتمكين والسعادة والنصر والنجاة والفوز فعلينا بالرجوع لمثل ما كان عليه رسولالله-صلى الله عليه وسلم- وصحابته الكرام، فهذا هو المنهج المنضبط لفهم الإسلام والعمل به، قرأ ابن عباس قوله -تعالى-: ﴿يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ﴾ [آل عمران: 106] فقال: «تبيض وجوه أهل السنة والجماعة وتسود وجوه أهل البدع والافتراق»، ولا يمكن أن تجتمع كلمة الأمة على مثل هذه البدع التي خرج بها أشباه الصوفية والخوارج والشيعة، قال -تعالى-: ﴿وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾ [المائدة: 14] فاعتبروا يا أولي الأبصار، ولا خير في أخوة الأحمق وسيء الخلق والمبتدع.
وعلينا أن نعلم أن العمل بطاعةالله-تعالى-والتباعد عن كل ما يغضبه -سبحانه- هو من أعظم أسباب الوحدة والاتحاد، ودلائل ذلك كثيرة في كتاباللهوفي سنة رسولهالله-صلى الله عليه وسلم-، ولابد من تضييق دائرة الخلاف، ويسعنا في ذلك ما وسع سلف الأمة، ولا وسّعاللهعلى من لا يسعه ما وسعهم؛ إذ الخلاف شر كله كما قال ابن مسعود -رضي الله عنه-، وينبغي أن نفرق بين الخلاف السائغ المعتبر الذي لا يفسد للود قضية -كخلاف الفقهاء في مسائل قصر الصلاة مثلا- وبين الخلاف مع الصوفية أو الشيعة.
وقد كان شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: «نعم، من خالف الكتاب المستبين والسنة المستفيضة أو ما أجمع عليه سلف الأمة خلافًا لا يعذر فيه فهذا يعامل بما يعامل به أهل البدع» ويبين أن أصحاب رسولالله-صلى الله عليه وسلم- كانوا يتناظرون في المسألة العلمية والعملية مع بقاء الألفة والأخوة الإيمانية، ولابد من الحذر من وساوس شياطين الإنس والجن؛ وذلك لأن الشيطان يئس أن يعبد في الأرض ولم ييأس من التحريش بين المصلين ﴿وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ﴾[الإسراء: 53] والشيطان لا ينام، وكذلك أولياؤه يعملون ليل نهار من أجل تفريق المسلمين وإضعاف كلمتهم، ويستخدمون في ذلك سياستهم: فرق تسد.
فعلينا أن نحذر -رضي الله عنه-لفلسفات والنظريات الكفرية، ونتباعد عن وسائل الدس الفاجرة والماكرة، وننتهز فرصة هذا الشهر الكريم وقد صفدت الشياطين فنكثر من الدعاء والتضرع عسى أن يؤلف ربنا بين قلوبنا ويوحد كلمتنا ويجعل بأسنا على عدوه وعدونا.
وَآخِرُ دَعْوَانا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه،
أما بعد،
فالأخوة الدينية والرابطة الإيمانية مصلحة كلية، والاجتماع والإجماع أصل من أصول هذه الشريعة، يقول -تعالى-: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾ [النساء: 115].
ولذلك وجب على المسلمين أن يسعوا في تحقيق هذه الأخوة أتم تحقيق ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾ [الحجرات: 10].
وهذا السعي لتوحيد الصف وجمع الكلمة هو من أفضل الأعمال، بل كان هذا من أعظم الدروس التي خرج بها المسلمون يوم بدر.
قال -تعالى-: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأنْفَالِ قُلِ الأنْفَالُ لله وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا الله وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا الله وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [الأنفال: 1].
وقال -سبحانه-: ﴿لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ﴾ [النساء: 114]، وقال -تعالى-: ﴿وَالصُّلْحُ خَيْرٌ﴾ [النساء: 128].
وعن أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط قالت: سمعت رسولالله-صلى الله عليه وسلم- يقول: (لَيْسَ الكَذَّابُ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِفَيَنْمِي خَيْرًا أَوْ يَقُولُ خَيْرًا)[رواه البخاري ومسلم]
بل هذا الاجتمـاع من أعظم أسبـاب النصر قـال -تعالى-: ﴿هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ﴾ [الأنفال: 62].
فالواجب علينا الارتباط، إذ إنَّ تحقيقه من مقتضيات الإيمان، وكلما قوي إيمان العبد عرف مقدار نفع هذا الأمر، فإن اجتماع المسلمين وتآلف قلوبهم وحصول التحاب بينهم يوجب لكل منهم أن يرى مصلحته ومصلحة إخوانه واحدة والغاية واحدة.
ولذلك ورد التحذير من التفرق والاختلاف والتنازع لأنها من أعظم أسباب الفشل.
قال -تعالى-: ﴿وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ﴾ [الأنفال: 46] والأخذ بأسباب الوحدة الحقيقة يستوجب منا النظر بعين الاعتبار لعدة معان؛ لأن الشعارات والهتافات وارتفاع الأصوات بالوحدة والاتحاد لا تكفي لتحقيقها.
ومن أعظم هذه الأسباب: البصيرة، وهي تستلزم العلم والعمل والدعوة والصبر على ذلك، ولأن الإنسان عدو ما يجهل، وما عصياللهبمعصية أعظم من الجهل بالدين.
والعبد قد يكون معول هدم في جسم هذه الوحدة وهو لا يدري، وما يفسد أكثر مما يصلح إذا جهل ديناللهتعالى. ﴿الأخِلاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلا الْمُتَّقِينَ﴾[الزخرف: 67]. وأساس التقوى أن يتعلم العبد ما يتقى ثم يتقي، وإلا فإذا كان لا يُحسن التقوى لربما استل سيفه وضرب به رقاب المسلمين وظن أنه يُحسن الصنع؛ كحالة الخوارج. فلا أخوة بدون إيمان ولا صداقة بدون تقوى، قال -تعالى-: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾[الحجرات: 10].
وقد روى الشيخان من حديث أبي هريرة: (النَّاسَ مَعَادِنَ كَمَعَادِنِ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ، خِيَارُهُمْ فِي الجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الإسْلاَمِ إِذَا فَقِهُوا، وَالأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ، فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ)
والناس يخطئون ويصيبون، فهم بشر وليسوا ملائكة أولى أجنحة مثنى وثلاث ورباع، وبالتالي فلابد من احتمال الهفوات والزلات.
﴿وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ﴾[آل عمران: 134].
﴿وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ الله لَكُمْ﴾[النور: 22].
وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: «ما ضرب رسولالله-صلى الله عليه وسلم- شيئًا قط بيده ولا امرأة ولا خادمًا إلا أن يجاهد في سبيلالله، وما نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه إلا أن ينتهك شيء من محارمالله-تعالى-فينتقمللهتعالى)[رواه مسلم]
وعن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: «كأني أنظر إلى رسولالله-صلى الله عليه وسلم- يحكي نبيًا من الأنبياء صلواتاللهوسلامه عليهم ضربه قومه فأدموه وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول: (اللهم اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ) [رواه البخاري ومسلم]
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رجلا قال: (يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إليَّ، وأحلم عنهم ويجهلون عليَّ، فقال: لَئِنْ كُنْتَ كما قُلتَ فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمْ المَلَّ -أي: التراب الحار- وَلاَيَزَالُ مَعَكَ مِنَ الله ظَهِيرٌ عَلَيْهِمْ مَا دُمْتَ عَلَى ذلِكَ) [رواه مسلم]
وعن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (يا عائشة، إنّ الله رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ، ويُعْطِي على الرفق ما لا يُعْطِي على العُنْفِ وَمَا لاَ يُعْطِي عَلَى مَا سِوَاهُ) [رواه البخاري ومسلم]
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- : (أن أعرابيًا بال في المسجد فثار إليه الناس ليقعوا به فقال لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: دَعُوهُ وَأَهْرِيقُوا عَلَى بَوْلِهِ سَجْلا مِنْ مَاءٍ أَوْ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ، فَإِنَّمَا بُعِثْتُمْ مَيَسِّرِينَ وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ) [رواه البخاري ومسلم]
ومن حقوق هذه الأخوة: المواساة بالمال، وأن يكون كل منهم عونًا لصاحبه، يقضي حاجته ويقدمها على نفسه، ويتفقد أحواله ويعفو عن زلاته، ويعذره فيما عذره رب العزة جل وعلا كالخطأ والنسيان وما استكره عليه، وعليه أن يعطيه من لسانه ما يحبه منه فيدعوه بأحب أسمائه إليه، ويذكره بالخير في الغيبة والحضور، ويفي له في الأخوة فيثبت عليها ويحفظُ عهدها، ويدعو له ولأولاده.
وفي الحديث: (مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يَدْعُو لِأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ إِلا قَالَ الْمَلَكُ: وَلَكَ بِمِثْلٍ)[رواه مسلم]
ومن أظهر الوسائل في تعميق روح الأخوة أنه إذا أحب أخاه أخبره بذلك، وإذا فارقه طلب منه الدعاء، وإذا لقيه ابتسم في وجهه وبادر إلى مصافحته، يحرص على الإكثار من زيارة إخوانه، وإدخال السرور عليهم، وتهنئتهم -ويتأكد ذلك في المناسبات- بل وتقديم الهدايا؛ فإنها تورث المودة وتذهب الضغائن.
وينبغي أن يعلم أن الحق في مقابله واجب لابد من تأديته، وفي الحديث: (حَقُّ المُسْلِمِ على المُسْلِمِ سِتٌّ، قيل: ما هن يا رسول الله؟ قال: إذا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، وإذا دَعاكَ فأَجِبْهُ، وإذا اسْتَنْصَحَكَ فانْصَحْ لَهُ، وإذا عَطَسَ فَحَمِدَ الله فَشَمِّتْهُ، وإذا مَرِضَ فَعُدْهُ، وإذا ماتَ فاتَّبِعْهُ) [رواه مسلم]
وكان بعض الصالحين يقول: أين مثل الأخ الصالح؟ إنَّ أهل الرجل إذا مات يقسمون ميراثه ويتمتعون بما خلف، والأخ الصالح ينفرد بالحزن مهتمًا بما قدم عليه وما صار إليه، يدعو له في ظلمة الليل ويستغفر له وهو تحت أطباق الثرى.
قال ابن شبرمة: «إذا سألت أخاك حاجة فلم يجهد نفسه في قضائها فتوضأ للصلاة وكبر عليه أربع تكبيرات وعده في الموتى»، وكان على مسروق دين ثقيل وكان على أخيه خيثمة دين أيضًا فذهب مسروق وقضى دين خيثمة وهو لا يعلم وذهب خيثمة فقضى دين مسروق وهو لا يعلم، وسأل عليّ بن الحسين رجلا: هل يُدخل أحدكم يده في كم أخيه -أي: جيبه- أو كيسه فيأخذ منه ما يريد بغير إذنه؟ قال: لا، قال: فلستم بإخوان، وهكذا يكون الحال عندما تتوثق أواصر الأخوة والمحبة.
ومن أعظم أسباب الوحدة أيضًا: وحدة المنهج، ولا منهج أصح ولا أكمل مما كان عليه سلف الأمة، وكل خير في اتباع من سلف، وكل شر في ابتداع من خلف، وما لم يكن يومئذ دينًا فليس اليوم بدين، ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح بها أولها.
فإذا أردنا العز والتمكين والسعادة والنصر والنجاة والفوز فعلينا بالرجوع لمثل ما كان عليه رسولالله-صلى الله عليه وسلم- وصحابته الكرام، فهذا هو المنهج المنضبط لفهم الإسلام والعمل به، قرأ ابن عباس قوله -تعالى-: ﴿يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ﴾ [آل عمران: 106] فقال: «تبيض وجوه أهل السنة والجماعة وتسود وجوه أهل البدع والافتراق»، ولا يمكن أن تجتمع كلمة الأمة على مثل هذه البدع التي خرج بها أشباه الصوفية والخوارج والشيعة، قال -تعالى-: ﴿وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾ [المائدة: 14] فاعتبروا يا أولي الأبصار، ولا خير في أخوة الأحمق وسيء الخلق والمبتدع.
وعلينا أن نعلم أن العمل بطاعةالله-تعالى-والتباعد عن كل ما يغضبه -سبحانه- هو من أعظم أسباب الوحدة والاتحاد، ودلائل ذلك كثيرة في كتاباللهوفي سنة رسولهالله-صلى الله عليه وسلم-، ولابد من تضييق دائرة الخلاف، ويسعنا في ذلك ما وسع سلف الأمة، ولا وسّعاللهعلى من لا يسعه ما وسعهم؛ إذ الخلاف شر كله كما قال ابن مسعود -رضي الله عنه-، وينبغي أن نفرق بين الخلاف السائغ المعتبر الذي لا يفسد للود قضية -كخلاف الفقهاء في مسائل قصر الصلاة مثلا- وبين الخلاف مع الصوفية أو الشيعة.
وقد كان شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: «نعم، من خالف الكتاب المستبين والسنة المستفيضة أو ما أجمع عليه سلف الأمة خلافًا لا يعذر فيه فهذا يعامل بما يعامل به أهل البدع» ويبين أن أصحاب رسولالله-صلى الله عليه وسلم- كانوا يتناظرون في المسألة العلمية والعملية مع بقاء الألفة والأخوة الإيمانية، ولابد من الحذر من وساوس شياطين الإنس والجن؛ وذلك لأن الشيطان يئس أن يعبد في الأرض ولم ييأس من التحريش بين المصلين ﴿وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ﴾[الإسراء: 53] والشيطان لا ينام، وكذلك أولياؤه يعملون ليل نهار من أجل تفريق المسلمين وإضعاف كلمتهم، ويستخدمون في ذلك سياستهم: فرق تسد.
فعلينا أن نحذر -رضي الله عنه-لفلسفات والنظريات الكفرية، ونتباعد عن وسائل الدس الفاجرة والماكرة، وننتهز فرصة هذا الشهر الكريم وقد صفدت الشياطين فنكثر من الدعاء والتضرع عسى أن يؤلف ربنا بين قلوبنا ويوحد كلمتنا ويجعل بأسنا على عدوه وعدونا.
وَآخِرُ دَعْوَانا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
دعاء مصطفى- شكر وتقدير
- عدد المساهمات : 3225
تاريخ التسجيل : 22/03/2010
العمر : 48
الموقع : القاهره
رد: تعميق روابط الآخوة
وحشنا كلامك الجميل الرقيق
وفينك من زمان
وفينك من زمان
ام حبيبه- شكر وتقدير
- عدد المساهمات : 2949
تاريخ التسجيل : 20/03/2010
العمر : 38
رد: تعميق روابط الآخوة
شكرا استاذة علية لمجاملة حضرتك الرقيقة
دعاء مصطفى- شكر وتقدير
- عدد المساهمات : 3225
تاريخ التسجيل : 22/03/2010
العمر : 48
الموقع : القاهره
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأربعاء يوليو 12, 2017 4:01 pm من طرف رضا نجم
» أ.د عمــار غبيش استاذورئيس قسم المسالك البولية-جامعة قناة السويس-المستشارالطبى للمنتدى
الجمعة مارس 17, 2017 8:07 pm من طرف عبدالفتاح سلامة
» عاءلة نجم بمركز سيدى سالم محافظة كفر الشيخ
السبت سبتمبر 17, 2016 4:09 am من طرف وليد نجم
» م.مدحت نجم
الأربعاء سبتمبر 14, 2016 1:11 am من طرف احمد نجم1
» لولا وعد بلفور المشؤم لتجمعت اوصال عائله نجم
الإثنين يونيو 13, 2016 4:19 am من طرف Medhatnegm
» م.مدحت نجم
الإثنين يونيو 13, 2016 3:52 am من طرف Medhatnegm
» اخر تحديث لشجره العائله
الأحد مايو 17, 2015 3:47 am من طرف wael_negm
» عائلة نجم بالمنوفية
الإثنين أبريل 06, 2015 12:49 pm من طرف ahmed negm11
» راجعين من تانى
الثلاثاء مارس 17, 2015 11:39 pm من طرف محمد رضا نجم
» مصطفى محمد حافظ نجم فى ذمة الله
الجمعة أغسطس 15, 2014 2:50 pm من طرف احمد نجم1
» حوار مع مؤرخ العائله وصاحب فكره شجره العائله
الجمعة مارس 28, 2014 5:21 pm من طرف مروة فكري نجم
» قصيدة تابين احمد فؤاد نجم للشاعرة ام كلثوم
السبت يناير 04, 2014 10:00 am من طرف احمد نجم1
» قناة السويس الهدف الرئيسى للارهاب
الجمعة يوليو 26, 2013 10:44 pm من طرف احمد نجم1
» الرئيس والبهلوان
الأحد يوليو 07, 2013 12:52 am من طرف احمد نجم1
» سلام وتحيه لاهالينا الاسكندرنية
الأحد يوليو 07, 2013 12:50 am من طرف احمد نجم1
» خطوات تجعل الويندوز عندك 100%
الأحد يوليو 07, 2013 12:46 am من طرف احمد نجم1
» معا لتطوير التعليم الصحى بمصر
الأحد مارس 17, 2013 10:40 pm من طرف احمد نجم1
» انت تمتلك فكرة مشروع… ماذا ستفعل الان؟
السبت نوفمبر 17, 2012 10:56 pm من طرف خالد عبدالله
» احمد السيد عبدالرحيم عبدالرحمن نجم
السبت أكتوبر 06, 2012 12:25 am من طرف احمد نجم1
» المستشار السيد عبدالرحيم عبدالرحمن نجم
السبت أكتوبر 06, 2012 12:07 am من طرف احمد نجم1
» إيجار سيارات وليموزين وخدمات سياحية
السبت سبتمبر 29, 2012 2:25 pm من طرف كار ليموزين
» توفيق عكاشة
السبت أغسطس 25, 2012 12:52 pm من طرف محمد رضا نجم
» الحاج جمال احمد نجم فى ذمة الله
الثلاثاء أغسطس 21, 2012 2:47 am من طرف محمد رضا نجم
» اسامه طلبه يلتقى بابنائه المحررين بالاسماعيلية
الثلاثاء أغسطس 21, 2012 1:04 am من طرف ام حبيبه
» الفريق مهاب ممش رئيسا جديدا لهيئة قناة السويس
الأحد أغسطس 12, 2012 7:56 pm من طرف احمد نجم1
» صور الفتاة المصرية علياء ماجدة المهدي المنشورة في النت وهي عارية تماما وعلاقة ذلك بالسياسة المصرية
الإثنين يوليو 23, 2012 12:27 am من طرف احمد نجم1
» مستشفى هيئة قناة السويس الداخل مفقود والخارج مولود
الخميس يوليو 12, 2012 2:52 pm من طرف احمد نجم1
» اين الاطفال زملائى
الأربعاء يوليو 04, 2012 1:00 am من طرف احمد نجم1
» ------((((((( قصة أجمل من الجمال نفسه ))))))----------
الخميس يونيو 28, 2012 9:20 pm من طرف ام حبيبه
» أى من هذة العبارات تؤلمك ؟
الخميس يونيو 28, 2012 9:19 pm من طرف ام حبيبه